الطفلة “مريم” تبيع صور “السيسى” بعد الأعلام و”الطواقى”

خطوات قصيرة وصوت منخفض ولهجة تقوى بالكاد على تجميع كلمات بسيطة حفظتها “مريم” عن ظهر قلب، بقامة قصيرة ترفع ساقيها لبلوغ نوافذ السيارات حاملة الصور التى تتجول بها بين الزحام، ابتسامة لا تخلو من طفولة لم تزل هناك، نظرات لم تدرك بعد ما يدور حولها من وجوه تتفحصها بدهشة لا تفهمها، فى يديها استقرت مجموعة من الصور التى حملت وجهاً آخر حفظت ملامحه وحفظت بصعوبة حروف اسمه الذى اكتسب فى أذنيها وقعاً مألوفاً، “صورة السيسى” يا باشا، هى الكلمات التى استطاعت ترديدها بين المارة، فهى التذكرة الرابحة ومصدر الرزق الذى بدأته “مريم” مبكراً بعمر خمسة سنوات. 

بمصدر الرزق وبالبعد عن أيدى والدها الباطشة فى نهاية يوم عمل ربطت مريم ذات الخمسة أعوام الاسم والصورة التى تشبثت بها ككارت مرور، لم يدرك عقلها الصغير بعد معنى الثورة أو الاحتفالات الشعبية أو توزيع صور الفريق “السيسى”، واكتفت بفهم قيمة الصور التى تنتهى منها يومياً وتحصل من ورائها على المبلغ المطلوب للعودة للمنزل، “أبويا أدانى الصور وقالى انزلى وزعيهم فى الإشارة، وكل صورة تاخدى مكانها جنيه”، ببساطة شرحت “مريم” عملها اليومى بين إشارات المرور التى يحدد لها والدها خريطة التحرك بينها فى صباح كل يوم. 

تصمت قليلاً مطلقة نظرات حذرة بعيون أخفت خوفاً من الأسئلة ثم تجيب عن معرفتها بمن تبيع صورته قائلة ببساطة “السيسى”، ثم تضيف بصوت منخفض “مش ده الرئيس اللى كل الناس بتشترى صورته”. 

مريم، لم تسمح لها سنوات عمرها بدخول المدرسة بعد، ولم يعلمها والديها سوى كسب الرزق حسب كل حدث يسمح بالاسترزاق، وتحكى مريم: “أنا وأختى بننزل كل ما يبقى فى مظاهرات، ساعات كنا بنشيل علم وطواقى، بس دلوقتى بنشيل الصور”، بصعوبة استطاعت شرح مهمة العمل اليومية واكتفت ببعض الإيماءات للتعليق على باقى الأسئلة التى لم تفهمها، لا يهمها من تحمله فى الصورة، ولم تدرك مريم الصغيرة قيمة ما تراه يومياً بعد، ولن تترك لها الثورة سوى بعض المشاهد التى تنتظر أن تعلق فى ذاكراتها للأبد تاركة الإدراك لظروف أخرى قد تجعلها أفضل حالاً. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *