مقالات القراء

نضال الدين أبو المعالى يكتب: حوار بين الميدان والبرلمان‎

على طاولة المفاوضات يجلس كل من الميدان والبرلمان، كلاهما ينظر إلى الآخر بعين من الصعب أن تفهم لغتها، لا تعرف هل هذا تحد؟! هل هذا اشتياق؟! هل هذا تفاوض؟! هل هذا نقاش؟!… تعانق الاثنين تعانق جبلين، قد اشتاقا أن يتعانقا، ولكن تضاريسهما الجغرافية أبت لهما أن يتعانقا.

الحقيقة أن من دعا لهذه المفاوضات هو يوم الخامس والعشرين من يناير الأول بعد الثورة، دعا الميدان والبرلمان ليتنا ولا معه فنجان قهوة، والحقيقة أن يوم الخامس والعشرين يعلم جيداً قهوة كل منهما، يعرف أن الميدان قهوته سادة من العسكر، ويعرف أيضاً أن قهوة البرلمان زيادة فى المجهود.

إن يوم الخامس والعشرين سيولد من رحم الزمن خلال ساعات، ويعرف قيمة ميلاده جيداً، ولهذا دعا الميدان والبرلمان ليتصافيا فيما بينهم، وليتفقا على فعاليات مولده، لكن هناك من يجهز لقتل المولود أثناء ولادته، هناك من يمهد لإشعال البلبلة فى هذا اليوم، هناك كثر يريدون عرقلة مسيرة الثورة، والبعض يريد هدم المؤسسة التى بنتها الثورة، سواء عن قصد أو عن جهل، فكلاهما يؤديان لحارة واحدة.

بعد أن وقف الميدان والبرلمان ويوم الخامس والعشرين حداداً على أرواح الشهداء، بدأت المفاوضات.. الخامس والعشرين يسأل كل من الميدان والبرلمان: ماذا تريدان؟! فأجاب كلاهما نفس الإجابة “نقل السلطة للمدنيين، محاكمة القتلة والفاسدين، القصاص للشهداء وتعويض أسرهم، لا للمحاكمات العسكرية، الحرية.. الكرامة.. العيش.. العدالة الاجتماعية”، هنا انشرح قلب الخامس والعشرين واطمئن لمولده؛ لأنه يعرف يقيناً أن من يريد تشويهه أثناء ولادته لا يسعى إلا لزرع الخلاف والخناق بين الميدان والبرلمان.

يوم الخامس والعشرين أقسم على طاولة المفاوضات أنه سيولد دون تشوه، إذا تم الاتفاق الكامل بين الميدان والبرلمان، لذلك أوصى كل منهما على التالى، أوصى البرلمان بأن جلسته الأولى ستنعكس بشكل كبير على الميدان، أوصاه بأن يجنب أعضاؤه أى خلافات تافهة، أوصاه بأن يؤكد على مطالب الميدان، وبالمثل أوصى الميدان بأن يحترم رفيقه البرلمان، أوصاه بألا يهتف حاضروه أى هتاف ضد البرلمان، وأوصاه أيضاً بأن ينادى بأعلى صوته بالمطالب التى اتفقوا عليها.

شىء من الطمأنينة ساد اللقاء، وقبل أن تنتهى المفاوضات أوصى يوم الخامس والعشرين وصايته الأخيرة قبل أن تدور عليه عجلة الزمان، قال لحاضريه “البرلمان والميدان” : أوصيكم بأن تفهما جيداً مآرب الكائدين، أوصيكم أن تفهما أن العلاقة بينكم علاقة تكاملية لا تضادية كما يريدها الكائدون، أنت أيها الميدان قد هدمت نظاماً فاسداً، وأنت أيها البرلمان ستهدم بقايا الفساد، وستبنى نظاماً جديداً، أنت أيها الميدان لا تجور بصوتك على البرلمان، وأنت أيها البرلمان لبِّ مطالب الميدان، فى النهاية كلاكما معاً سيحددان مصير البلاد، إما إلى أرقى الأمم أو إلا لأسفل الأمم، فاتفقوا تتقدموا ولا تختلفوا فتفشلوا.

انتهت المفاوضات بعد أن دعوا لمصر وشعبها وجيشها.. وهنا تعانق الميدان والبرلمان قبل أن ينصرفا، تعانقا تعانق صديقين تقابلا للتو بعد فراق دام لسنين، وطمأنا الخامس والعشرين على مولده.

فى النهاية أنا كمواطن مصرى سأشارك فى ولادة يوم الخامس والعشرين، وسأحقق أمنياته ووصاياه، سأهتف يوم ولادته بأعلى صوتى منادياً باستمرار الثورة، وتحقيق مطالبها كاملة، وأنا أيضاً نفس المواطن الذى سيسأل نائبه فى البرلمان على ما حققه وما أنجزه.. فلتأت يا سيادة الخامس والعشرين فأنا فى انتظار مولدك.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى