حسن نافعة : السياسة لا تختصر في «أوامر عسكرية»

كشف المحلل السياسي البارز د. حسن نافعة عن ملابسات مبادرته الشهيرة للخروج من الأزمة المجتمعية وحالة الاستقطاب التي يعيشها المجتمع المصري، وتقوم على تولي قيادات جميع الأطراف بالسلطة وخارجها إجراء حوار شامل لخارطة طريق المرحلة المقبلة، والمباديء العامة التي يمكن الاصطفاف حولها، وقبول النظام بمراجعة أوضاع المسجونين من شباب الثورة والذين لم يرتكبوا تهما جنائية من قتل وحمل سلاح، لأن هؤلاء هم وقود التغيير في مصر.

وقد حل “نافعة” ضيفا على مأدبة إفطار الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس، رئيس لجنة الدفاع عن المظلومين “مظلوم” ، والتي أقامها مساء أمس بنادي الصحفيين بحضور أعضاء اللجنة من قانونيين وصحفيين ونشطاء .

واعتبر “عبدالقدوس” أننا نعيش زمنا أسوأ من زمن مبارك بعد إهدار كرامة المصريين بالسجون وإغلاق أفق المعارضة أو العمل السياسي بمناخ صحي لا يشيع الخوف ، كما أن أوضاع المحرومين ازدادات بؤسا الآن عما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011 .

ومن جانبه، تحدث د. حسن نافعة بشكل عفوي عما أصابه من اتهامات بالأخونة لمجرد أنه أطلق مبادرة للم شمل المجتمع الممزق، وأكد أنه بعد فض رابعة العدوية بهذه الطريقة البالغة القسوة ، شعر أن البلاد لا تسير بالاتجاه الصحيح ، على رغم تأييده لثورة 30 يونيو التي أنقذت مصر من الوقوع بحالة الدولة الفاشلة .

وقد قدم نافعة العديد من المبادرات حتى زادت عن العشرين، والتي لا تضع حلولا بعينها بقدر ما تعتمد على لم شمل كل القوى المتحكمة بالمشهد للخروج من عنق الزجاجة، وهذه وظيفة السياسة. وواحدة من تلك المبادرات أعطاها للواء محمد العصار ، ولم تكن هناك استجابة.

وقال “نافعة” لـ”محيط” أن النظام الحالي لا يؤمن بالعمل السياسي، ويعتمد كنظام عسكري على الأوامر التي يجب على الجميع إطاعتها، ولا يرى أي تصور من خارجه قد يكون مقبولا. ويأتي ذلك بالرغم من أن مكافحة الإرهاب والنهوض لا يكون بغير مشاركة كل قوى المجتمع وتيارات المجتمع المدني.

واتفق مع تساؤلنا حول تقديم النظام للاقتصاد على السياسة في برامجه، وإقدامه على مشروعات عملاقة لم يشعر بها رجل الشارع مع ذلك خلال عام، برغم أن السياسة توفر المناخ الجيد للاقتصاد وليس العكس.

وأضاف أنه مع معاقبة المحرضين والمرتكبين لاعمال العنف بالشارع المصري، وهذا لا شك فيه ، لكن ليس من المنطق أن نقصي تيارا بأكمله من المشهد ونتصور أن الأمر انتهى هكذا ببساطة، وهذا ما لا يحدث بأي دولة في العالم، فدائما هناك مائدة مفاوضات جادة .

وقد استطرد المحلل السياسي الأكاديمي حديثه بحفل الإفطار بالقول أن مصر صارت تخرج من مرحلة انتقالية لأخرى، ولا تقف على أعتاب أي تغيير حقيقي بعد الثورة، برغم دماء الشهداء التي سالت في ميادين مصر من أجل هذا اليوم.

وأضاف أن الإخوان المسلمين أضاعوا على البلاد فرصة ذهبية في أن تكون دولة ديمقراطية حقيقية لأول مرة، وذلك لأن عقليتهم تسيطر عليها نظرية الاستحواذ، ويخونون تعهداتهم التي أطلقوها بأن وجودهم سيكون بمنطق المشاركة لا المغالبة! وهم من قالوا ان التغيير من القبة وليس الميدان بعد وصولهم للبرلمان!

والإخوان أيضا هم من دفعوا الشارع صوب التصويت بنعم على التعديلات الدستورية، وكان السياسيون تبح أصواتهم للمطالبة بدستور شامل يليق بالثورة حتى لا نضع العربة أمام الحصان.

أما عن تفاصيل مبادرته الشهيرة فقال أنها تضمنت حضور أسماء أبرز الشخصيات المصرية المعروفة بدرجة كبيرة من الإنصاف والخبرة ، فهناك محمد علي بشر ومحمد سليم العوا وأحمد كمال أبوالمجد من التيار الإسلامي في مقابل جلال أمين وزياد بهاء الدين من الطرف الآخر، على سبيل المثال، ويرأس اللجنة الكاتب محمد حسنين هيكل.

وبعد أن نشرت المبادرة في مارس 2014 بإحدى الصحف المصرية، فوجيء حسن نافعة بسيل من الهجوم والاتهامات تنهال عليه، وبأن شخصية كتهاني الجبالي تغلق التليفون بوجهه ، ولكنه تحمل ذلك كما يقول راضيا تماما. وهو نفس ما جرى معه بعد مشاركته بتأسيس الجمعية الوطنية للتغيير والحملة الشعبية ضد التوريث في زمن مبارك.

وللأسف وجد نافعة أنه لا نية عند أي طرف للجلوس والتحاور، وأن الدولة ليست جاهزة لأي مصالحات وربما كانت تخشى رد الفعل الشعبي، ووصلنا للوضع البائس الذي نحن فيه الآن ، وانقسام بين من يرونها ثورة ومن يراه انقلابا ، وحالة من الغضب بعد سقوط ضحايا أبرياء من الجانبين كل يوم .

وعلى الرغم من حالة الإرهاب التي تشهدها البلاد، واصطفاف المصريين خلف القوات المسلحة والشرطة لدرء العنف المتفشي عبر متطرفين، إلا أننا نجد أن تصرفات خارجة عن القانون تتم بواسطة الشرطة حين نقرأ عن مقتل 12 إخوانيا بأكتوبر بدون أن يكون لدينا مبررات مقنعة لقتلهم! بالطبع ناهيك عن شعور فئات عريضة أن القضاء شابته ظلال السياسة بشكل أو بآخر.

أخيرا، دعا د. حسن نافعة لاستنساخ تجربة لجنة الدفاع عن المظلومين والتي تضم متطوعين من كل التيارات السياسية كحزب التجمع اليساري، وحزبي “الوسط” و”البناء والتنمية” الإسلاميين، وأحزاب شباب الثورة، وقال أن هذه التجربة لو تم تعميمها على مستوى قيادات تلك الحركات والأحزاب ستخرج مصر من حالة الاستقطاب وتتشكل قوة ضغط مجتمعية حقيقية تجعل الجميع حاضرا في المشهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *