في غزة.. عائلات تستجير من «الحصار» بالهجرة الشرعية

بعد محاولات متكررة دامت لأكثر من عام، تلقى الفلسطيني “عماد”، أخيرا موافقة رسمية من السلطات السويدية للإقامة في “أراضيها” والهجرة من قطاع غزة.

وهذه الخطوة التي تمت من خلال التنسيق الكامل مع المفوضية العامة للاجئين في الأمم المتحدة، يصفها عماد (52 عاما)، الذي اكتفى باسمه الأول بأنها أشبه بـ”الكنز الثمين”.

ويضيف عماد لوكالة الأناضول، إنّ موافقة السلطات السويدية على طلبه الهجرة ستنقذه هو وعائلته من “الموت البطيء” وما قال إنه “البقاء في الجحيم”.

ويستعد عماد في الأيام القادمة لمغادرة قطاع غزة عبر معبر بيت حانون “إيريز”، (الخاضع للسيطرة الإسرائيلية)، هو وزوجته وأبنائه (4 بنات و3 أولاد).

وبعد فراره من سوريا جراء الاقتتال الدامي هناك، ولجوئه إلى قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عام 2007، يقول عماد إن السبل ضاقت به وازدادت قسوة الحياة اليومية، ما دفعه إلى التفكير بالهجرة.

ويشير إلى أنه رفض محاولات الهجرة غير الشرعية، وأصر على طلب تقديم طلبات رسمية (لم يكشف كيفية تفاصيلها)، إلى السلطات السويدية عبر مساعدة جهات أممية وحقوقية حتى تلقى أخيرا الموافقة الرسمية.

وفي السابع عشر من شهر مايو/أيار الجاري، غادرت 6 عائلات فلسطينية وسورية مكونة من نحو 27 شخصا ، قطاع غزة عبر بيت حانون ” إيريز” متجهة إلى السويد، بعد حصولها على موافقة رسمية للهجرة والإقامة في الأراضي السويدية، بالتنسيق مع المفوضية العامة للاجئين في الأمم المتحدة، وبتسهيل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتقول سهير زقوت، المتحدثة باسم “الصليب الأحمر” في قطاع غزة، لوكالة الأناضول إن منظمتها تسهل خروج العائلات التي تريد المغادرة، وحصلت على موافقة رسمية للإقامة في البلدان الأوروبية.

وتضيف زقوت أن كثير من العائلات في قطاع غزة، تنسق من أجل الهجرة ومغادرة قطاع غزة بطرق رسمية، وشرعية، عبر منظمات أممية.

وتتابع: “نتلقى يوميا عشرات الاتصالات من عائلات فلسطينية تريد المغادرة، لكن مهمتنا في الصليب هي تسهيل الخروج، وتقديم المساعدة، منظمة الصليب لا تنسق من أجل الهجرة”.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة الداخلية بغزة، مفضلا عدم ذكر اسمه لوكالة الأناضول، إن نحو 11 عائلة تستعد لمغادرة القطاع في الأسابيع القليلة القادمة، والهجرة إلى السويد وهولندا بشكل رسمي وشرعي.

وأضاف المصدر، إن معظم تلك العائلات ممن نزحوا من سوريا مؤخرا، مشيرا إلى أن طلبات كثيرة يتقدم بها الفلسطينيون في قطاع غزة، من أجل الهجرة إلى الخارج.

ودفع القتال الدائر في سوريا منذ عام 2011 عشرات الآلاف من الفلسطينيين للنزوح إلى لبنان، والأردن، فيما تمكنت مئات العائلات من الوصول لقطاع غزة (نحو 300 عائلة بحسب  إحصائيات غير رسمية).

وقد تزداد حالات المسجلين والحاصلين على طلبات الهجرة، والإقامة في البلدان الأوروبية بشكل كبير في الأيام القادمة، كما يقول رامي عبدو رئيس المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان.

ويضيف عبدو لوكالة الأناضول، إن الحياة في قطاع غزة، والتي تزداد قسوة يوما بعد آخر، وارتفاع مخيف لمعدلات الفقر والبطالة، بات سببا في تفكير سكان قطاع غزة (يعيش 1.8 مليون) بالمغادرة والإقامة في الخارج.

ويتلقى المرصد (منظمة أوروبية حقوقية مقرها جنيف) عشرات الاتصالات يوميا من قبل السلطات الهولندية والسويدية والبلجيكية، للاستفسار عن سوء الأحوال المعيشية في قطاع غزة، وفق عبدو.

ويتابع: “هذه الاستفسارات، سببها تقديم عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة لطلبات هجرة، والسلطات هناك، إلى جانب دوائر الهجرة تحاول معرفة حقيقة الوضع الإنساني والاقتصادي”.

ويرى عبدو، أن ما يعيشه قطاع غزة، من كارثة إنسانية تجاوزت كل وصف، مؤكدا أن التفكير بالهجرة من أكبر سجن مفتوح في العالم بات يراود أغلب فئات وشرائح المجتمع.

واستدرك بالقول: “الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وقسوتها ومرارة ما خلفته غيّرت كل المفاهيم بالبقاء، لقد تخطت إسرائيل كل الخطوط ، وارتكبت مجازر لا يتصورها عقل، كثير من المواطنين فقدوا الأمن والشعور بأن لديهم حياة ومستقبل”.

وقال عبدو إن 3 آلاف فلسطيني من قطاع غزة، وفقا لإحصائيات المرصد، غادروا بطرق غير شرعية خلال العام الماضي (2014)، مضيفا: “واليوم بات التفكير بالبحث عن الطرق الشرعية بحثا عن حياة أخرى”.

وهاجر العشرات من الفلسطينيين مؤخرا بطرق غير شرعية عبر قوارب المهاجرين في البحر، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، وآثار ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

وغرق في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، قارب يقل عشرات الفلسطينيين، من الساعين للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، قبالة شواطئ مالطا والاسكندرية (شمالي مصر)، ومازال مصير نحو 400 شخص منهم مجهولاً، وفق منظمة الهجرة الدولية.

وفي حال بقاء الأوضاع على ما هي عليها من تدهور فإن المستقبل يزداد قتامة، بالنسبة للفلسطينيين الأمر الذي سيدفع بكثيرين نحو الهجرة والهروب من الموت البطيء كما يصف عبدو.

وكان البنك الدولي قال، في بيان له الأسبوع الماضي، إن معدل البطالة في قطاع غزة يبلغ 43 بالمائة وهى النسبة “الأعلى” على مستوى العالم، لافتا إلى أن 60 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل.

وخلال ست سنوات شنت إسرائيل ثلاثة حروب على قطاع غزة، خلّفت آلاف القتلى والجرحى، والمشردين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *