هناء المداح تكتب: لا تخذل هؤلاء يا سيادة الرئيس؟
ورث د. محمد مرسى رئيس الجمهورية عن الرئيس السابق تركة ثقيلة جدًا، وأعباءً جِسامًا تعجز وتنوء بحملها الجبال، ولذلك أرى من الإجحاف والظلم البيّن أن يتحمل الرئيس الحالى أوزار مَن سبقوه كاملة، وننسب إليه زورًا وبهتانًا خراب وفساد عدة عقود على كافة الأصعدة، خاصة أن شهورًا قليلة هى عمره فى السلطة، تخللتها – وللأسف الشديد – بعض الأحداث المؤلمة والمؤامرات والمكائد المُدبَّرة التى استهلكت وقتًا وجهدًا كبيرًا، والتى تهدف فى المقام الأول إلى شل حركة البلد وزعزعة الأمن، بل ووأد النظام الحالى وقتله فى مهده، كى لا يحيا ويساهم بكامل استطاعته فى عودة الروح لمصر شعبًا وأرضًا!.. تلك المؤامرات التى يستميت صانعوها ومدبروها بأموالهم الحرام وأفكارهم الشيطانية لتحقق الغاية منها، فتمنع أى قطرة خير أو طاقة نور وبارقة أمل من الوصول، حتى لا يظهر الفرق جليًا بين النظامين فى حال استقرار الأوضاع وبدء العمل والإنتاج الحقيقى المنشود الذى لن تقوم للبلد قائمة بدونه.
وبما أن غالبية الشعب المصرى من البسطاء والمستضعفين الذين يشكلون نسبة كبيرة جدًا
لا يمكن الاستهانة بها بأى حال من الأحوال، هم ضحايا كل العصور والأنظمة المصرية المتلاحقة، أناشد رئيس الجمهورية فى بداية عهده ألا ينشغل كثيرًا بسفسطة وجدل وألاعيب مَن يُطلَق عليهم خطأً “النخبة” ومعاركها الخاسرة ضد مصر والمصريين، وأن يهتم كل الاهتمام بمحدودى ومعدومى الدخل لأنهم قوة مصر الحقيقية وطاقتها المدفونة والمعطلة، والذين ينتظرون بلهفة وشوق مَن ينتشلهم من واقعهم الأليم المؤسف ويمنحهم الأمل والرغبة فى الحياة، وذلك لا يتأتى إلا بتلبية احتياجاتهم ومطالبهم المشروعة والأساسية التى ينبغى أن تكون فى صدارة اهتمامات النظام وعلى جدول أولوياته، هذه المطالب والحقوق التى حُرِموا منها مع سبق الإصرار والترصد، فلطالما تاجر أولو الأمر السابقون بآمالهم وبأحلامهم البسيطة المتمثلة فى لقمة نظيفة وكوب ماء صالح للشرب ومسكن آدمى يؤويهم، إلى جانب العلاج الآمن فى حال المرض، وتعليم نافع وجيد ينقذ أبناءهم من غياهب الجهل ويعبر بهم إلى نور العلم ليتمكنوا على أثره من الحصول على فرصة عمل تعينهم وتعين ذويهم على العيش بعزة وكرامة دون اللجوء إلى السؤال أواستجداء عطف أحد من البشر كائنًا من كان!..
هؤلاء البسطاء والمستضعفون الذين لم يرحمهم حيتان النظام الملعون السابق الفاسدون السارقون لخيرات وثروات هذا البلد على مرأى ومسمع من الجميع، والذين لم يطعموا الفقراء سوى وعود وعهود، ولم يُشرِبوهم إلا أمنيات وأوهام، كما أنهم لم يُسمِعوهم سوى أرقام وطلاسم ومصطلحات يعجزون عن فهمها!، فازدادوا – لا سامحهم الله – غنى وترفًا ورفاهية فاحشة، وزادوهم فقرًا واحتياجًا!، وازدادوا صحة وعافية وتخمة وزادوهم مرضًا ووهنًا!، كما ازدادوا علمًا فى أرقى المدارس والجامعات فى الداخل والخارج بمبالغ باهظة فاستحوذوا على أفضل فرص العمل وأعلى المناصب، وازداد الفقراء وأبناؤهم جهلا وبطالة، مما دفع الكثير منهم إلى أن سلكوا مسالك مهلكة فى الدنيا والآخرة، ظنًا منهم أن فيها الخلاص والنجاة، ومن بين هذه المسالك الانتحار بشتى صوره وطرقه، وبيع أعضاء أجسادهم بأبخس الأثمان، والأدهى من ذلك قيام بعضهم بقتل أبنائهم أو اللجوء إلى بيعهم بسبب ضيق ذات اليد والفقر المدقع، بينما صار المطلب الأول لمن أنعم الله عليهم بالصبر وقوة الإيمان هو تمكينهم من البقاء أحياء لعل أملا يلوح فى الأفق فتتحسن الأحوال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم..
لا تخذل البسطاء والمستضعفين يا سيادة الرئيس، كفاهم ما عانوا من قهر وذل وحرمان، آن الأوان أن يشعروا بآدميتهم ومصريتهم،
لا تخذلهم لأن الكثير منهم توَسموا فيك خيرًا وأيدوك وانتخبوك رئيسًا للجمهورية رغم كل حملات التشويه والهجوم الضارية والمنظمة عليك وعلى جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، والتى قامت بها منظومة إعلامية فاسدة ومضللة، أبَتْ فطرتهم النقية أن تنصاع إليها وتصدق افتراءاتها وتضليلها.
لا تخذلهم لأن معظمهم قال للدستور نعم، رغبة فى الاستقرار وتقصير المرحلة الانتقالية التى طالت أكثر من اللازم، مما عرّضهم إلى السب والتهكم السافر والاتهام بالحصول على رشاوى انتخابية من قِبَل بعض الإعلاميين والسياسيين الأفاكين والمدمنين قلب الحقائق وإساءة الأدب، والذين تغافلوا وتناسوا أنهم طالما أجرموا فى حق هؤلاء البسطاء الذين يسبونهم ويصفونهم بالجهلاء والأميين عندما تحالفوا مع النظام السابق وتآمروا عليهم وشاركوا فى تضليلهم وغيبوبتهم وقبضوا نظير ذلك أموالا طائلة ستكون بمشيئة الله حسرةً عليهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لا تخذلهم لأن خذلانهم يعنى خسرانًا مبينًا لنظامك ذى المرجعية الإسلامية ورفضًا تامًا للتجربة برمتها، فهؤلاء لن يصبروا طويلا، توكل على الله وابدأ، فالوقت يمر سريعًا.. وكله من عمر مصر.