أغيثونا وأنقذوا الإسكندرية
إسكندريتنا الجميلة التى تربينا فيها على هدوء شوارعها ونظافتها وبحرها الرائع ومبانيها المتناسقة حتى فى الأزقة والحوارى الشعبية ترى نظافة وجمالا ومنازل لا تتخطى الطابقين، وفى معظم أحيائها كانت الفيلات والمساحات الخضراء فتستنشق العبير وتعيش الحلم الرومانسى بمجرد سيرك فى شوارعها.
إلا أن الإسكندرية وقعت فريسة لمحافظين متتاليين اغتالوا جمالها وحكموا بالإعدام على كل شىء رائع فيها لتتحول الإسكندرية إلى ركام وبقايا حلم، ولا يشعر بمدى الكارثة التى أصابت مدينتنا الرائعة إلا من يعشقها ومن عرفها منذ نعومة أظافره ومن أحبها وترك كل الفرص التى سنحت له خارجها ليحقق مكاسب مادية لا حصر لها رافضا أن يترك معشوقته بعبقها وجمالها وعشقه للون ومياه بحرها، يفضل الموت والفقر على ألا يترك مدينة الحلم عروس البحر التى تآمر جميع من ملك زمامها عليها، إما لضعفهم الإدارى أو لقلة حيلتهم أو لفسادهم.
فمن يرَ الإسكندرية اليوم يبكِ لما وصل إليه حالها، كل شىء منهار بلا معين أو رقيب يحاول أن يأخذ بيدها لينقذها من محنتنها، ويتلخص حال الإسكندرية وما وصلت إليه فى نقاط عديدة قد لا تسمح المساحة التى أكتب فيها هذه المقالة لتوضيح سوء الحال الذى وصلت إليه ولكنها على سبيل المثال لا الحصر
حتى لا تموت عزيزى القارئ كمدا وحزنا على مدينة الأحلام إذا كنت من روادها قديما أو من عشاقها هوائها وبحرها:
أصبحت شوارع الإسكندرية مرتعا للتوكتوك وعربات القمامة الكارو، والتى عليها أجولة كئيبة الشكل والمنظر فقد تجد عربة عليها جوال يصل لارتفاع طابقين ولن أستطيع أن أصف مدى قذارته وبعثه على الاشمئزاز والتقزز، والغريب أنك تجده يسير فى أرقى شوارعها وعلى مرأى ومسمع للجميع، وقد تجده عكس الاتجاه يسير مختالا بقذارته وفوضويته فى محطة قطار سيدى جابر التاريخية والتى إذا شاهدتها فى أى صورة على شاشات
التليفزيون فى أى مكان فى العالم تعرفها تغيرت وبنى عليها مول بفرمان من محافظها قبل الثورة حيث كان كل شىء متاحا للبيع.
الزحام، ازدحمت الإسكندرية وخاصة بعد الثورة بلا مبرر ولا ندرى الأسباب، ويتوالى المحافظون ولم تشق طرق جديدة تبعا لزيادة السكان فالإسكندرية شوارعها منذ أكثر من خمسين عاما وشوارعها كما هى بلا كبارى أو مترو أنفاق باستثناء توسيع طريق البحر منذ 10سنوات وذلك لم يساهم كثيرا فى الحل ولكن
فى الآونة الأخيرة أصبحت حينما تحتاج أن تذهب لمكان لا تبعدك عنه سوى دقائق محدودة قد تصل إليه فى ثلاث ساعات فى أى وقت مساءا صباحا ظهرا، وفى كل أيام الأسبوع حتى فى الإجازات.
وفى الشتاء أقل نوة من الأمطار ولو استمرت لمدة 10دقائق فقط تغرق الإسكندرية وتتوقف الحياة تماما على عكس ما كان سابقا منذ 20أو25 عاما كانت فتحات الصرف على بعد مسافات قليلة لتبتلع مياه الأمطار سريعا، ولكن مع التطور والتقدم تم رصف الطرق وإلغاء هذه الفتحات بالإسفلت لتتراكم المياه وتسبب كوارث لا حصر لها تنقطع الكهرباء والتليفونات وكل شىء يصاب بالشلل ولا حل وكل يوم تتكرر المأساة.
أتحدى أى مسئول فى الإسكندرية إذا كان هناك مسئولون أن يعطينى عنوان طريق واحد فقط فى الإسكندرية ليس به مطبات حتى أهم الطرق طريق البحر وطريق الحرية من يحفر ويتلف الأسفلت لا يصلحه فقد تجد هوة بعرض الشارع وأخرى بطوله فمن يتلف لعمل كابل كهرباء أو مد ماسورة ماء لا يصلح ما يتلفه لنعانى نحن جميعا من سوء طرق الإسكندرية بأكملها ولا حياة لمن تنادى فالمسئولون لايعملون ولايعرفوا شيئا سوى ان يجلسوا فى مكاتبهم المكيفة وصرف رواتبهم الفلكية أول كل شهر فى حين أنهم معزولون عن المحيط الخارجى.
وأخيرا الكارثة الكبرى بعد الثورة والتى تنذر بكارثة كبرى يوميا تتهدم الفيلات بل وعمارات بأكملها لتبنى مكانها أبراج عشوائية تتخطى العشرين طابقا بلا ورق أو ترخيص أو رقيب فهناك أكثر من خمسين ألف فيلا وعمارة من ذات الخمسة طوابق هدمت وبنيت مكانها أبراج هائلة، إن البرج ذا العشرين طابقا يبنى فى 20يوما لتجده برجا هائلا بعد هدمه ببضعة أيام فأنا أعتقد أنه
مع أول زلزال أو هزة أرضية بسيطة ستكون الإسكندرية فى خبر كان لتخرج التصريحات العنترية من المسئولين المغاوير تتبخر بمجرد نسيان الكارثة، وبالطبع بعد هدم الفيلات والعمارات.
هناك أنقاض نتيجة هدم هذه الأعداد الغفيرة من العقارات والفيلل فأين تذهب هذه الأنقاض؟ قد لا تصدق عزيزى القارئ، تُرمى على طريق المحمودية لتسد الطرق الرئيسية فهم فى الخفاء يهدمون وقت الفجر لتستيقظ فتجد أهم الشوارع امتلأت عن بكرة أبيها بالردم حتى مبنى إذاعة وتليفزيون الإسكندرية الباب الخلفى امتلأ عن آخره، ولم يبقَ فيه فتحة صغيرة تكاد تمر منها سيارة واحدة بالكاد، والمسئولون يعيشون فى بلاد نياما نياما لا يدركون ما يحدث من حولهم لتجد الإسكندرية محاصرة بالكتل الخرسانية
الرهيبة .. التى تحجب كل شىء حتى الهواء، ونعيش نحن أهل الإسكندرية فى حسرة وندم على الأيام الخوالى، ننتظر الموت كمدا على معشوقتنا التى كانت، ولكن هل من مجيب هل من مسئول يوقف تلك الكارثة وهذه المهزلة؟ استفيقوا أيها المسئولون فكل راع مسئول عن رعيته ستحاسبون على تقصيركم فى تحمل
المسئولية، وذنبنا وذنب الإسكندرية فى رقابكم والتاريخ لا يرحم أحدا.