مقالات القراء

المتمرد

كم أنت متمرد يا صديقى العزيز ! كانت تلك كلماتى له حينما كنا نتحدث عن النفس البشرية ما لها وما عليها.
نظر إلىّ نظرة استفسار، أتبعها بقوله ماذا تقصد بكلماتك هذه ؟ أجبته على الفور رأيت فيك ما لم يره أحد من الآخرين وما أحسب تمردك هذا إلا ثمرة قيدٍ قد فرض عليك فى وقت مبكر من حياتك.
أطرق هنيهة ثم قال نعم لقد صدق حدسك فقد كان هناك ثمة قيد فى طفولتى على غير عادة الأطفال الذين هم فى سنى.
صمتَ فأكملت فما كان منك إلا أن مزقت هذا القيد بكل ما أوتيت من قوة حينما توافرت لك القدرة على ذلك.
لقد كانت البيئة من حولى تكبلنى بقيد لم أختره لنفسى ولم أرض عنه فى
يوم من الأيام كان الروتين يملأ حتى الهواء الذى كنت أتنفسه كرهت الروتين فكرهت أهله المتمسكين به المقيمين عليه كسدنة فى معبده وانطلقت فى كل اتجاه أنشد حريتى المسلوبة أتلمس الهواء النقى أملأ به رئتى فإذا بى أهيم على وجهى مره وأصطدم بعقول قد مسخت فانقلبت إلى آلات تعمل دون تفكير حتى جاء اليوم الذى وقفت فيه مع نفسى ألتقط أنفاسى فوجدتنى قد ضاع منى سنوات طوال لم يكن لى فيها طائل.
رأيت وجهه الباسم قد شابه حزنا دفينا قد اختلط بألم نفسى حاول جاهداً أن يخفيه فى صدره وكأنه لا يريد أن يدفن هذا الألم النفسى وحسب بل يريد أن يدفن هذه الذكريات المؤلمة التى دفعته إلى التخبط كثيراً ظناً منه أنه قد امتلك حريته فإذا به يكبل نفسه بنفسه.
توقف عن الكلام فجأة وعلت وجهه حالة من التوتر انتقلت إلى يديه التى أسرعت بانتزاع سيجارة هم أن يشعلها لولا أنه تذكر أنى أتضايق من رائحة الدخان فتركنى على أمل العودة مرة ثانية.
عندما عاد تطرقنا إلى الحديث عن موضوع آخر فلم يكن لدينا الرغبة فى استكمال هذا الحديث مرة ثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى