مقالات القراء

لشعب يريد: “جيم أوفر”

نتابع فى الأيام الأخيرة وبشغف على شاشات الفضائيات تساقط المزيد من الضحايا والشهداء من المصريين.. وكأنه- بمنتهى البساطة – لم يكفينا سقوط 75 قتيلا فى ساعات قليلة.. ونتسارع وبقوة لسقوط المزيد والمزيد بنفس منطق ألعاب الفيديو جيم… ومن هنا أنا أريد أن أرى على شاشات التليفزيون عبارة (جيم أوفر).
تتصاعد الأحداث حول وزارة الداخلية وخاصة فى شارع محمد محمود الشهير بدمائه.. وحقيقة أن الوضع أكثر وأكبر تعقيدا من مجرد: “شارع محمد محمود كلاكيت تانى مرة”، بل إن الأساس يرجع إلى العلاقة بين الشرطة والشعب.. فبعد أن كانت “الشرطة فى خدمة الشعب”، ثم تحولت إلى “الشرطة والشعب فى خدمة الوطن”، لتصبح الآن: “الشرطة والشعب فى صراع مع الوطن!! “.
والتساؤل هنا هو: هل حقا هناك صراع ما بين الشعب والشرطة؟؟ أم أن الصراع مجرد إشاعة وإدعاء كاذب أو ستار تكمٌن تحته محاولات أعداء الوطن للتخريب وإيهام الناس أن هذا التخريب ناتج عن عداء تاريخى بين الطرفين؟.
لا أملك الإجابة على هذا التساؤل.. ولكننى سوف أستعرض بعض النقاط والحقائق التى قد تجعلنا نستنج سويا، ما الذى يحدث وراء كواليس الحروب الدائرة..
مارست الشرطة فى عهد النظام السابق أقصى مظاهر الاستبداد والعنف، ولا جدال فى أن مصر كانت دولة بوليسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكثّفت وزارة الداخلية جهودها فى خدمة وحماية النظام السابق على حساب الشعب، وقد تبلور هذا المشهد فى أحداث 25،26،27 يناير من العام الماضى لتنتهى بالانسحاب المفاجئ فى 28 يناير 2011 (الانسحاب الذى لا يعلم سره إلى الآن إلا الله.. هل كان مدبرا أم عشوائيا؟؟)، ليبدأ الشعب مع الشرطة أسوأ صفحة ! صفحة اتهام الشرطة وعلنا بالخيانة العظمى للبلاد.. ففى يوم 28 يناير تحول الأمر من مجرد كراهية بسبب ممارسات ظالمة واستبداد.. إلى فرقة وتخوين.
عندما بدأت هذه المرحلة، سادت ولاتزال تسود حالة من الفوضى العارمة تمثلت فى سيل من الحوادث بسقوط مريع لضحايا وشهداء، وسقوط أيضا لهيبة الداخلية صاحبه سقوط فى معنويات الضباط، بسبب السقوط الأخلاقى الملحوظ من قبل بعض المواطنين وتعديهم على الضباط من منطلق المثل الشعبى الشهير: “البقرة لما تقع تكتر سكاكينها”… لينتج عن كل ذلك كراهية وسقوط أخلاقى بين الطرفين…
ولكن هل من الممكن أن تصل هذه الكراهية إلى مرحلة ما نراه على شاشات التليفزيون؟؟ بمعنى آخر هل من مقومات هذه المرحلة إلى جانب السقوط الأخلاقى والمعنوى “القتل العمد” .. قتل المواطن المصرى لضابط الشرطة المصرى.. أو قتل ضابط الشرطة المصرى لأخيه المواطن المصرى… لا أظن !!!
ولأننى لا أظن ولم ولن أظن.. إذن لا بد من أن ننتبه أن من يشعل نار الفتنة ومن يحرق ويخرب ويهاجم مؤسسات الدولة هم باختصار أعداء الوطن.. ليس الأمر مقتصرا على صراع بين فئة من الشعب وفئة أخرى – مهما كانت حدة هذا الصراع –، ومن هنا فحل المأساة التى نعيشها فى صورة أحداث مرعبة متلاحقة لا تكمن فى حل الصراع القائم بين الشرطة والشعب (وإن كان حله ضروريا)، بل تكمن فى تضافر جهودنا جميعا لتحديد من هم أعداء الوطن الحقيقيون أو بلفظ المجلس العسكرى الذى يٌستفز الكثيرون: “الطرف الثالث”.. نعم هناك طرف ثالث ولو وجدنا الطرف الثالث سيكتب الكمبيوتر عبارته الشهيرة جيم أووفر !!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى