«البنك المركزي»: توفير 22 مليار دولار

كشفت مصادر من البنك المركزي المصري عن أنه تم توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع للسوق المحلية بقيمة 22 مليار دولار، خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، لافتين إلى أن السلع الغذائية والأساسية تتم تغطيتها بالكامل، لكن هناك طلبات استيراد بالبنوك لا تزال معلقة على سلع غذائية مثل الجبن الفرنسية وغيرها من السلع التي لا يحتاجها المواطن بشكل أساسي.

وأكدت المصادر في تصريحات خاصة لصحيفة «الوطن»، أن البنك المركزي قام بعمل خطة لترشيد الاستيراد وفقاً لأولويات المواطنين واحتياجاتهم وليس المستوردين والتجار، وهو ما لم يلق قبولاً لدى بعض أصحاب رؤوس الأموال والمتحكمين في التجارة، خاصة سلع الرفاهية، لافتين إلى أن بعض التجار كانوا يشترون الدولار من السوق السوداء لاستيراد أي سلع من الخارج دون ضوابط وتحديد أولويات، وهو ما كان من شأنه استنفاد موارد الدولة من العملة الصعبة في سلع ثانوية وترفيهية على حساب السلع الأساسية، كالغذاء والأدوية والأمصال والطاقة وغيرها من مدخلات الإنتاج وبعض السلع الوسيطة، ومع تطبيق قرارات البنك المركزي الأخيرة أصبحت هناك قائمة أولويات للاستيراد، ترتبط باحتياجات المواطنين ثم تليها السلع الأخرى بالترتيب وصولاً إلى الرفاهيات، وذلك حفاظاً على موارد الدولة وتوظيفها بشكل أمثل، متسائلة: ما الأولويات بالنسبة للمواطنين هل هو أحدث إصدارات الموبايل أم القمح؟ ورغم ذلك فإن السلعتين متوافرتان في السوق.

وأضافت: «هناك طلبات استيراد عنيفة جداً، احنا بنستورد شيكولاتة وموبايلات وكل حاجة، وكل السلع موجودة في الأسواق، وفي الوقت الذى يسعى فيه البعض لتحقيق المكاسب الشخصية واستيراد سلع ليست في قائمة أولويات المواطنين، تواجه مصر ارتفاعاً في عجز الميزان التجاري بمعدل 22.7% خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي 2014 – 2015 ليبلغ نحو 29.6 مليار دولار مقابل نحو 24.1 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام المالي السابق».

ولفتت إلى أن مصر تستورد ذرة فقط بأكثر من 2 مليار دولار سنوياً، وهو ما يمكن الاستغناء عنه بتدعيم تلك الزراعات داخلياً، على غرار الدول الأخرى، وفى الفترة من يوليو إلى ديسمبر الماضيين تم استيراد سيارات بقيمة 1.7 مليار دولار، في حين أن واردات السيارات لم تتجاوز 1.5 مليار دولار في العام السابق لتلك الفترة، وهو ما يشير إلى تضاعف وارداتها، ورغم انخفاض اليورو أمام الجنيه وقتها لم تتراجع أسعار السيارات في مصر.

وأشارت إلى أن هناك من يروج شائعات بأن صادراتنا ككل انخفضت وهو أمر غير حقيقي، لافتة إلى أن الصادرات البترولية هي التي انخفضت في الوقت الذى استقرت فيه حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية عند نفس مستواها تقريباً.

وأوضحت المصادر أن هناك من يحاولون باستماته إثناء البنك المركزي عن قراراته الأخيرة المتعلقة بضبط سوق صرف النقد الأجنبي في السوق المحلية، وهو ما لن يحدث، والتي كان من بينها وضع حد أقصى للإيداع النقدي «الكاش» بالعملات الصعبة بقيمة 50 ألف دولار شهرياً، قائلة إنهم يحاولون تشويه تلك القرارات بإشاعة أنها طاردة للاستثمار، موضحين أن تلك القرارات معمول بها في العالم كله، خاصة الدول المتقدمة، كما أنها لا تتعارض مع الاستثمار، لأن الاستثمار يمر عبر المصارف وليس السوق السوداء، «ومفيش مستثمر هيدخل مصر، وجايب الدولارات في شنط»، مؤكدة أن رؤوس الأموال يتم تمريرها عبر الجهاز المصرفي، وأن ما يتم خلاف ذلك فإنه غسل أموال وتمويل إرهاب، مشددة على أن قرارات «المركزي» هدفها الصالح العام وتضييق الخناق على عمليات غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب.

وتابعت أن القضاء على السوق السوداء من ضمن عوامل تهيئة المناخ للاستثمار، لافتة إلى أنه لا توجد أي موانع أو قيود على عمليات تحويل الأموال، وأن أصحاب رؤوس الأموال حققوا مكاسب من الاستثمار في مصر حتى بعد الثورة، ورغم أن هناك بعض الدول مثل الجزائر تضع قيوداً قوية على تحويل الأموال للخارج حتى المستثمرين فإن مصر وفى ظل أصعب الظروف لم تتخذ قرارات عنيفة من شأنها تضييق الخناق على الاستثمار، بل على العكس فإن كافة القرارات خاصة فيما يتعلق بالسياسة النقدية كانت محفزة للمستثمرين.

ولفتت إلى أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية خلال الآونة الأخيرة ليس له أي مبررات اقتصادية حقيقية، خاصة أنها انخفضت على مستوى العالم، وهو ما يعكس مدى جشع التجار الذين يحاولون تبرير ذلك بإلقاء الاتهامات على القرارات الأخيرة للبنك المركزي، التي استهدفت ضبط سوق الصرف، بأنها أدت إلى تلك الزيادات، وهو أمر غير حقيقي، لافتة إلى أن تلك المبررات تعكس أيضاً مساعي تلك الشريحة من التجار والمستوردين التي ترغب في عودة السوق السوداء للدولار مرة أخرى، وهو أمر يؤكد البنك المركزي المصري أنه لن يسمح بإعادته مرة أخرى.

وقالت: «الموضوع ببساطة شديدة أن موارد الدولة من النقد الأجنبي بدأت تتدفق إلى القطاع المصرفي الذى بدوره يقوم بتوفيره وفقاً لقائمة الأولويات الأساسية التي تحددها احتياجات المواطن المصري، بعد أن كانت تتجه العملة الصعبة إلى السوق السوداء، التي يسيطر على تعاملاتها عدد من التجار والمستوردين والمضاربين على العملة».

واستطردت أن قرارات البنك المركزي تستهدف الصالح العام، ولم تؤثر على تدفقات العملة إلى مصر، لكن حولت مسارها من يد المتلاعبين بمصير الوطن في السوق السوداء إلى القطاع المصرفي، الذى يضخ العملة وفقاً لاحتياجات المواطن، التي تبدأ أولوياتها بالغذاء والطاقة والأدوية والأمصال ومدخلات الإنتاج، وليست سلع الرفاهية مثل السيارات والموبايل على سبيل المثال.

وأوضحت أنه لولا قرارات البنك المركزي التي استهدفت ضبط سوق الصرف لوصل الدولار في السوق السوداء إلى 10 جنيهات وانفلتت الأسعار، مؤكدة أن تلك القرارات حالت دون الوقوع في كارثة اقتصادية كانت ستعصف بالمواطن المصري.

 وأكدت أهمية أن تقوم الحكومة بتنسيق قوى خلال المرحلة الحالية لتحديد أولويات الواردات، لافتة إلى أن هناك سلعاً يمكن زراعتها أو إنتاجها محلياً، فعلى سبيل المثال تم وقف استيراد السكر، لأن هناك إنتاجاً محلياً ضخماً منه، متسائلة لماذا نستورد سلعاً متوافرة محلياً؟ ولماذا يصر المستورد على استيراد سلع ليست في أولويات المواطنين؟ مشيرة إلى أهمية تحديد الوزارات المختلفة، مثل الزراعة والصناعة، السلع المتوافرة التي يمكن إنتاجها محلياً لوقف استيرادها من الخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *